**** 1 ****
للكلمات صولة والصولة سطوة وفى السطوة قهر والمرءُ مقهور تحت حُكم المفردات
قد نستقى جميعا كلمات وعبارات من فيض ونبع التعبيرات اللانهائية التى يحويها الكون
قد يأتينى علم بخبر ويأتيك نفس العلم بذات الخبر ولكن تختلف التفاصيل وتختلف العبارات
قد ألحظ انا امتزاج الحروف المتناثرة وهى تشكل كل كلمة اشهد تراكبها سويا لتتشكل كلمة وعبارة فتتخلل ثنايايا وكأنى أشهد خلقها وأولية بدايتها فأدرى لِمَّا سبق الحرفُ حرفا واختبأ هذا وتوارى ذلك عن النص
قد أرى كل امكانيات الكلمة وطاقتها المتصلة جيئة وذهاباً التردد الذاتى لعنفوانها فيها ثم انفجارها فى فضاء الفهم لأعلم عنها الكُنه والمضمون .. وفى النهاية قد يكون لى إحاطة تامة أو منقوصة بكل معنى العبارة لتشكل فى نهايتها علمٌ بخبر
وقد يأتيك شئ مخالف فى شكل التركيب بأن ترى طاقة الكلمات مباشرة واشعاها ككيان واحد مستقل كمفردات متباينة او متشابهة تشكل عبارة تأتيك بذات العلم عن ذلك الخبر
تراكب نص العبارة يختلف بينى وبينك فأنا أملك المعنى وانت مالك للعبارة وان كان شكل الإفادة واحدة وهو المعنى المقصود من الخبر .. ان تراكب النص فى حد ذاته هو ما يميزنا عن بعضنا البعض فبدا التباين فى شكل ما يأتيك عبارة وما يأتينى على شكل حروف تتمازج عندى على مهل فى حين تبدو لك كيان كامل ممتزجة دفعة واحدة دون علم بأوليتها فكأنى سابق عليك فى مرحلة وتكون أوليتك انت فى مرحلة ثانية لى وهى فى ذاتها مرحلتك الأولى للتعرف بها (العبارة) واقتباس نورها (الشكل النهائى لطاقتها)
جئت انت تعبر عنها بتركيبتها الخاصة الكُلية وجئت انا أعبر عنها بتركيبتها الأولية الجزئية
قدم كلٌ إفادة ولكن اختلف التعبير
ما تقدمه انت رؤيا جامعة فى ابسط صورتها (طاقة واحدة) فخرجت شِعرا قادرا فى بساطة على غزو شعورك الذى هو أحد صور الفهم ليتلبس بك وفيك
ما قد أقدمه أنا هو أقرب إلى رؤية أحادية فى شكل نص سردى قادر على احتواء كل الممكن فيها أو قاصر عن التعبير فيها بشكل يستقيم مع قدرات القارئ المتعدد الفهم والوعى لقبول النص فيتعين تفسيرات مطولة للعلم والخبر لما يقتضيه التعبير من اسهاب وتطويل وقد تتحشرج انفاس الإسهاب فيحتاج الإسهاب إلى اسهاب وتظل امكانية التعبير ممكنة مع التردد الدائم لطاقة الحروف لتنسلخ عن كل الكلمات معانيها الممكنة المتوالدة لأزمان طويلة فتختلف التعبيرات والتأويلات زمنا بعد زمن لتتصل أو تنحرف وفقا لمجرى فيض طاقة الكلمات الدائم
قلتُ للكلمات سطوة ولما كان للشعر مفرداته من الكلمات فللشعر سطوة وقهر بداية عند تنبه الشاعر اليه الهاماً ثم صبه فى وعاء الإدراك ومجرى الفهم واخيرا له سطوته وقهره عند المتلقى
وقد يثبت الشعر وقد لا يثبت عند تلقيه فتنفك عنه سطوته ليعود الى ما حيث كان اليه من كلمات فى انتظار الرؤية والتكوين لتملك سطوتها من جديد وكأنى بما اكتب اصف الشعر دائرى فله ذات البداية والنهاية ولا اعلم صدق تلك العبارة بكونه دائرى متحد الأولية والختام اذ اننى لم أدنو بعد من كشف ما يُرد من الشعر الى عالمه الأول (الكلمة ) وما تكون اشكال الارتداد ولعلى ان فعلت استبان لى وانكشف كونه عالما دائريا كُريا أم فى شكل انحنائى ترهلى محفوف بارتداد عشوائى منتظم
رد فعل العبارة بعد تلقيها وافرازها ليس هو مجال التعبير وان بدا له حين ، فحينه لم يبين بعد لكونه غير مُتَقصَّى بعد
أما ما يخص محور الكتابة وابراز الدليل والعلامة هو صولة الشعر فنرتد لعكس الأولية لتبيان القصد والغاية من التدوين وفض بكارة العبارة فالأصل هو
كنت سعيد الحظ فى مطالع شبابى قبل ظهور ويندوز 95 (اول ظهور حقيقى للكمبيوتر الشخصى) اذ سقطت فى يدى المجموعة الشعرية الكاملة لنزار قبانى وكانت من الضخامة لتحتاج عُمرا لقرائتها فكل نص يدعوك للتوقف عنده زمنا لفرط الروعة التى تبثها مفردات القصائد حتى انى عاودت قراءتها لسنوات لمرات عديدة
وحين يمر العمر وتقرأ لأحمد مطر وأمل دنقل وصلاح عبد الصبور وفريد أبو سنة وشوشه وجويده ونازك الملائكة ومحمود درويش واحمد الشهاوى وعطبرة وقسورة والنيل الازرق وابراهيم الابيض والأحمدين ناجى وشوقى فانك حتما ستتوقف لاختلاف المعانى التى تنشدها الأبيات ومع تنوعها يتنوع لديك المفهوم لتحاول صيد الغاية
الغاية دائما هى صيد التعبير ولا أعنى بالتعبير التعبير كترجمة ما هو باطن وكشفه للظاهر ولكن الإفصاح كمفردة تعنى الكشف ان يكشف الشاعر عن فرط شعوره ونظرته للأشياء فتخرج ابياتا منتظمة أو منحدره نحو غاية محددة وهى نقل الذات من طور الكتمان الى طور الافصاح وافشاء المكنون الذى يختلج فى الفهم أو الشعور أو الإدراك
ولكن عبثا ان تجد فى قائمة الاسماء التى نُذِرتّ للشعراء ليخطوا فيها أمجادهم ان تجد فيها ما انتهى اليه عمرك واستقر عليه فهمك من محاولة تصيد الحكمة التى تحويها العبارة فما بين عاشق وحزين وطريد عاش فيك مضمون أبياتهم ليعبر عن حالة شعورية مستفيضة تتفق فى اغلب الاحيان مع مستويات ادراك القارئ المتعددة ولكنها تظل محدودة لحالة أقل من الفهم لتعدد مستويات الفهم عند القُراء المتعددى العدد والذين ينتمون إلى أحكام العدد التى يمكن الإحاطة بها ووصفها بالمحدودية فلها حدود عظمى ونهائية يمكن التوقف عندها ولا يتم تجاوزها وان كثُرت
لكن حين تجد ما استقريت انت فيه وعليه من حدود للكلمة فى تقصى غرض وقصد أخير وشريف لا يختلف عليه اثنان وهو الحكمة
فإنك تجد عند صولا فيض الكلمات الذى يُثرى قصيدتها الصغيرة (عددا)
انك ستجد الحكمة المقصودة مستترة فى جوانب النص مدسوسة وكأنها تقصد أو لا تقصد ولكنها عبرت عنها بكلمة أو عبارة تبدو لمن يفهمها على حقيقتها (اعنى العبارة) تبدو وانها عبارة منقوصة مبتورة يلزمها شرح وافى لمدلول الحكمة وكيف استقتها ومن أى نبع أوردتها ، انها بعد تخلل اول شعاع للرؤيا فيك ودخولك الى حالة السُكر المعرفى الساعى الى قطف ثمار الحكمة التى شعت فى ارجاء النص والتى قد لا يراها غيرك تجدها تسرع بك فى النزول انحدارا مفاجئا نحو عالم الشعور الذى يحياه ابناء الارض الراجون الآملون المستنفرون الراضون الغاضبون الآمرون بعشق النفس المنقلبون على قانون الوجود الناهون عن إدراك الملكوت
وكأنها ترفعك زمنا ثم تهبط بك متسارعة كأرجوحة هوائية ينشيك صعودها ويرضيك الا انها ذات الارجوحة فإنك فى هبوطها السريع تتسارع دقات قلبك .. وكأنه عند ذلك التسارع لنبض القلب يغلبك الشعور وبعضه خوف فَتُرد الى عالم الارض عالم الشعور لتجد النص التالى فى عباراتها الشعرية هو فرط الشعور لقاطنى المعمورة من أبناء الضاد بنى التناقض والانقضاض
صولا خاطبت فيك عقلا ثم أسرعت بك وعلى غُرة لتلمس وجدانك ولتشعر بها بنبض احساسك
إن صولا لا تكتب فى اغلب ما تكتبه ابياتا شعرية عبثية يصطنعها اغلب الشعراء بلصق الكلمات الى جوارها البعض لتخرج عبارة تتنوع معانيها وتتناقض لذة تلقيها أنت عنك وتنفض وجدانك عنها لكونها عبارات مخلوقة بقهر الشاعر ذاته لا عن قهر الكلمة
انها تكتب من حيث تنقل من حيث ارتأت فى الكون مشهداً ضاق عنه احتمالها ففرت وراء ابسط معانيه فى صورة ابيات عبرت فيها رغما عنها عن قهر الكلمة التى لم تحتلمها ذواتها المتعددة فأدى القهر الغير مستطاع عندها الى السقوط فيها لتسكن صولا وترتد إلى كل ذواتها دفعة واحدة ليفاجأها وعى مزيف باتحاد ذواتها فى صورة الذات الواحدة لتستقر عند معنى واحد للشعور وهو التعبير عن العصف الدائم والمستمر الذى يتدفق قاصفا حارقا
**** 3 ****
تعود الأولية لتكشف عن نفسها فى كل مراحل الكتابة
للكلمات سطوة ولعلى استطيع فى عبارات أبسط أن انتهى الى أوليتى
لماذا صولا ؟؟؟
والاجابة أكبر مما سبق عرضه وتفسيره رغم غلبة احكام الكلمة على مضمون الكلمات
كما عبر يورى مرقدى ... اسبح فى المسافات واطير كالفراشات
فلنقل مجازا انى كنت اسبح فى المسافات اسير، واتنقل من ماء الى ماء وفى الماء فيض حياة وفى سيرى رؤى تكون صحوا فليست كل الرؤى منامات فى سيرى خارج كوكب ضئيل صغير لا يُغرى سائر بالرحيل اليه وكشف استاره وجدتنى اميل تجاه الكوكب وفى انتقالى اليه كانت على ميمنتى نافورة صغيرة يخرج منها الماء ويعود فيها دون ان تميل نقطة ماء واحدة خارج الحدود المرسومة للنافورة
تستطيع ان تتعرف الى لون ماء النافورة فى مُجمله فلم تزل الرؤية منى من خارجى الى خارج ما ظهر من الماء فلم اسعى نحو كشف الماء او مكنون النافورة فقد كانت كل الرغبة فى كشف ستر فضاء الكويكب الصغير ولكنها لم تكن رغبة نافذة عاجلة لذا لم تكن غضاضة فى استراق الرؤية الى النافورة ظل سيرى لا يحيد وعينى الى النافورة دون ان ينحرف اتجاهى اليها
لم أسأل وكانت الاجابة من تلك النافورة يستقى الشعراء قصائدهم .. فانحرفت الرؤية الى النافورة .. لا تنظر فمنها ضئيل وسعيك الى غزير ... دام السفر ومن سُفل كانت ثمة روح عالقة جذورها فى الارض تتخطى حدود الأرض علوا فى الفضاء نحو السماء وان لم تكن هناك سماء أراها شاخصة بناظريها نحو السماء المحجوبة عن رؤيتى ورؤياها وكأنها باحثة فيها وكأنها باحثة عنها (السماء)
ان نظراتها معلقة بفيض فى خيالها تنتظر عنفوان شروقه عليها ليغمر طيفها الساعى الى معجزة تخرجها عن فرط جاذبية قدميها للسُفل
الملامح فى ابتهال ولكنه ابتهال حائر منعكس فى ملامح الوجه ونظرات العيون ... كأنه ماذا يا سفير افندى لست أدرى
قال الساكن فوق الماء : هو فرط الحنين لما لا يتصور تحصيله
كذبه السائر فى تخوم المعقول قائلاً : كذبت بل هو فرط الرؤية المتعاقبة
قلتُ: فرط الرؤية وفرط الاحتمال لما يعقب تحصيله
ذهبتُ وذَهَبَت عنى النافورة والساكن والسائر ورقت صولا شاخصة نحو معلوم غائب عن إمكانية الرؤية من الخارج تستقى عبارات النافورة المحدودة الأوليات والخواتيم
والدعوة للرؤية وكشف الغائب هو المسيطر والمحُث
الأفضية لا نهائية لا نسترق عنها السمع ولا نمتزج بكل ما فيها والشعر فضاء هو جُّلُّ ما يحتويها ولكن عليها أن تدرك ان كل تلك الأفضية متاحة لمن سبق له الجد واستجد فى عوالمه المكنونة ..
وها أنا أبلغك ما وعيته عنكى وعن رؤياى فيكى ان الشعر بصورته الصولية أقل إمكانك وأن الدروب متسعة لتزاولى نوع جديد من فيض الشعور والكتابة فإن كانت الأماكن متناهية فإن لوجودك وجود لتسعك كل الأفضية وتسعيها
هذا ما رأيت قبل ان تختلط بيننا كلمة أو أقرأ شيئا عنكى أو فيكى وان كنت قد قرأتُ لكى
فقولى انى قد رأيت عنكى قبل استعطاء القراءة لما تنثرين كلماً
ويبقى سؤالك لنفسك : أى فضاء قد يحتوينى ؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق