الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

ذات (1-100)


اعتدت السير واعتدت النوم واعتدت الراحة 
وكلٌ اعتاد من دنياه سُبلاً للعيش وَصُوراً للحياة 
صَغيرُ العادة أورث إدماناً لأشياء بسيطة امتزجت بنا وانتشرت فينا لتصبح إدمانا مريراً 
وإن كنا بنى الإسلام دين الإله الخالق الواحد قد تخلفنا عن إسلامنا للإله الأحد وجدنا ذواتنا تتعبد فى محاريب مناقضة لما يُحتمه علينا مقتضى الإيمان فرُب عابد للثروات متعطش لنهب املاك الاخرين ورب عابد لهيئة الجمال والحلاوة واللطافة (فى نظره) وان تنوعت صور تلك الحلاوة واللاطفة فحيناً وجه حسن وتجسيم للجسوم وحينا امتزاج الالوان فى رونق الطبيعة 
ورُب عابد لمقدسات وهمية ونصوص جافة وشهوات حسية لاتدوم اكثر من دقائق معدودة 
وفى الإجمال فان اكثر العابدين انقسموا بنسبة كبيرة بي عبادة الذات وقسم أقل فى عبادة صورة مشوهة للنصوص البشرية وشخوص الوهم ظناً منهم عبوديتهم لرب العالمين ولكنهم ما عبدوه وما استطاعوا له رُقياً.
مضى الزمان والفكر يشتعل وكانت أول صور رؤىَ الطفولة الحروف الجِسام تدور من حولى وتلفنى كالثعابين تضغط خاصرى 
وكان أكثر كوابيسى مرارة هو التكرار الدائم والمستمر لأشكال الحروف 
ربما فى زمن لاحق ادركت ان صنعتى الكتابة فعشقت القراءة وادمنت انبعاث العقل فى عوالم ميتافيزقية براقة لينهل منها الداتا والبيانات وما يتنزل على افكار المفكرين من تفصيلات احوى انا كل مجاميعها 
هل عبدت ذاتى يوما وسجدت لها .. ربما اكون يوما كفرت بمحراب ذاتى لاتعبد لكل ثنايا العقل والشعور والوجدان 
لا يخلو احدا منا من تكريم ذاته ولا ينفك أحد عن تقديس تلك الذات الواحدة 
ان كثيرون منا لا يدركون او يتصورون المعنى الحقيقى للنفس أو الروح أو العقل وكأنها مجرد عبارات رنانة تتناقلها الألسن وصفحات الكتب ليقتصر تعريفها على المسموع والمقروء 
انك يا عزيزى قد خضت الأرض سيرا ولكنك لم تخوض الحياة بحثا وفهما واقرب ما اليك لفهمه هو كينونة ذاتك المقدسة المتألهة فى شئونها ... وحتما كثيرين لم يخضوا لفهم معنى الشعور وكيف ينبعث ويتشكل حارقا فى القلب مجسما فى خيال الفهم اضطرابا او راحة ولم تسرح خلف روحك لتعلم ان ليس كل مستقرها البدن وانها رحالة جوالة ترتقى وتهبط تدنو وتبتعد وترى ما ترى لتدرس وتسجل وتنقل الى يقظتك فى صورة مغايرة ملاحظاتها اللانهائية لما لا يدركه البصر 
ولا تعلم كيف تحفظ ذاكرتك ارشيف العلم والمعلوم بنظام احصائى مميز بشكل اكبر واسرع مما يستطيع برنامج حاسوبى القيام به 
أنت وأنا وكل أحد بعيد عن مقتضيات البحث والفهم لاننا لم نزل لا نعى الكثير عن ذلك المخلوق المُعجز حتما وهو العقل ومدى ارتباطه بكل الوجود .. والوجود هنا معناه اكبر من عالم الأرض وعالم الدنيا واكبر من كل الكون ومجراته الواسعة التى لا نستطيع الإحاطة بها انه شامل لكل العوالم الأولية والمعاصرة والآتية وثق ان كل ما تعرفه عن عوالمك اضيق كثيرا مما تتصور 
جعلنا الله شعوبا وقبائل لتعارفوا وميز ايضا بين مخلوقاته ونحن بعض خلقه وداخلنا مخلوقات تحيا وتستقر وايضا شأنها شأننا تعلو وتهبط وخلق لكل منا وظيفة محددة وعن وظائفنا تتناسل مخلوقات أخرى وكأنها تصدر عنا فكل منا جمع من الوجود وما واحد منا على الحقيقة واحدا أحدا فلست انا الا جمع مذكر سالم على الحقيقة وبعضنا يُحشر يوم القيامة أمة لعلى اكون وإياك منهم .

ان استقراء القراءة حتما لا بد ان يتبعه خلط من الفهم والحفظ فإن لم يتوالد عن هذا الخلط سبيل من الفكر والتدبر فاعلم ان معادلتك التركيبية منقوصة وانها غير صالحة ولن تنتج شيئا لتبقى انت ذاتا واحدة لا جمعية فيها 
وان لم تستوعب شيئا من اجماليات الكتابة رغم رمزيتها فاعلم انك مناقض للوجود وانه ليس لوجودك وجود وانك محض عدم ومعنى زائف للحياة. 

ليست هناك تعليقات: