كنت جالسا مع الاخ العزيز محمد رمضان وهو شخص طيب من صعيد مصر تربطنى به صلة عمل فى الأساس واحبه فى الله وكذلك يبادلنى نفس الشعور .. ولانى ذو اتجاهات صوفية علمية فقد عرض عليا كثيرا ان اصحبه فى مجلس علم او مجلس ذكر تابع لطريقته (الطريقة الرملية - الدومية ) من باب التبرك .. وبالطبع لم افعل
وفى حديثه عن طريقته وعن مشايخها عرفت ان الطريقة منسوبة للطريقة الخلوتية وانها قد انقسمت عنها وهى نفسها قد انقسمت بعد وفاة أحد شيوخها وربما بعد عدة اعوام ستجدها قد انقسمت ايضا وهكذا دواليك فالطرق الصوفية فى حالة مستمرة ليس من الديناميكية ولكن من التفرق والتشيع لشيخ على حساب شيخ اخر
وسند الطريقة عنده هو نفسه السند المنتشر عند كافة الطرق واذكر انى حين استمعت الى سنده كانت لى تعليقات لم ازل متمسكا بها فتحفظاتى على السند ثقيلة جدا عندى ويرفضها العقل نصا وفهما .. حتى قررت ان اسرق شيئا من وقتى للبحث فى ذلك السند
قال على بن أبى طالب - كرم الله وجهه -: سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت يا رسول الله: دلني على أقرب الطرق إلى الله تعالى وأسهلها على عباده وأفضلها عند الله، قال: " يا على عليك بمداومة ذكر الله سرا وجهرا " .. فقال على - رضي الله عنه - كل الناس ذاكرون وإنما أريد أن تخصني بشيء .. فقال (صلى الله عليه وسلم) يا على أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي { لا إله إلا الله }ولوأن السموات السبع والأرضين السبع في كفة و{ لا إله إلا الله } فى كفة لرجحت كفة { لا إله إلا الله } .. ثم قال يا على: لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول { الله الله }
ثم قال رضي الله عنه .. كيف أذكر يا رسول الله ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " أغمض عينيك واسمع منى { لا إله إلا الله } ثلاث مرات ثم قل أنت { لا إله إلا الله } ثلاث مرات وأنا أسمع" .. ثم رفع (صلى الله عليه وسلم) رأسه ومد صوته وهو مغمض عينيه وقال: { لا إله إلا الله} ثلاث مرات ثم إن عليا رفع رأسه ومد صوته وهو مغمض عينيه
وقال: { لا إله إلا الله } ثلاث مرات والنبي (صلى الله عليه وسلم) يسمع. .... انتهى
ولقد بحثت عن هذا النص وحتى تاريحه لم اجد نصا بمثل هذا اللفظ فى كتب الحديث وخصوصا الجزء الأخير الخاص بالتلقين
وقبل ان اسرد ما تلقفته من اسانيد لأحاديث مشابهة احب أن أعرض تعليقاتى التى تمثل تحفظا على هذا الحديث :
1- طلب على رضى الله عنه من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخصه بشئ دون جميع المسلمين فقال رسول الله نفس ما قاله لكل المسلمين : قل لا اله الا الله .. وهذا دليل على شرف النبوة وصدق الرسول الذى بلغ الرسالة وأدى الأمانة ولم يحابى قريب على غريب
2- جاء فى صحيح الحديث قول على رضى الله عنه بنص مسلم:
- سُئِلَ عليٌّ رضيَ اللَّهُ عنهُ : هل خصَّكم رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بشَيءٍ ؟ فَقالوا : ما خصَّنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بشَيءٍ لم يعمَّ بِهِ النَّاسَ كافَّةً ، إلَّا ما كانَ في قِرابِ سيفي هذا قالَ : فأخرجَ صحيفةً مَكْتوبٌ فيها : لعنَ اللَّهُ من ذَبحَ لغيرِ اللَّهِ ولَعنَ اللَّهُ مَن سرقَ مَنارَ الأرضِ ولَعنَ اللَّهُ من لعنَ والدَهُ ولَعنَ اللَّهُ مَن آوى مُحدِثًا ... رواه مسلم
- وعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْوَحْيِ غَيْرَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: "لَا، والَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِلَّا فَهْمٌ يُعْطِيهِ اللَّهُ تعالى رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ، ومَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ"، قُلْتُ: ومَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: "الْعَقْلُ، وفِكَاكُ الْأَسِيرِ، وألَّا يُقْتَل مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ". رواه البخارى.
ان عليا رضى الله عنه نفى تماما ان يكون الرسول قد خصه هو او احد من آل بيت النبى بشئ خاص الا ما بلغ به النبى عامة الناس وتلك الصحيفة .. لماذا لم يذكر على ذكرا محصوصا أو طريقة الذكر (التلقين) مثلا او ما يقوله عامة المسلمين (لا يوجد خواص فى المسلمين) هل خان على السائل فلم يجيبه صدقا أم ان الرسول صلى الله عليه وسلم خان الأمة فخص عليا بشئ لقرابة أو لنسب
اننى انفى التهمتين عن النبى وعن على، فكيف للمتصوفة أن يتجرأوا على النبى وعن على حتى هذا الحد
3- قام على بنقل هذا الذكر والتلقين ليس الى اولاده واكبرهم الحسن والحسين ومحمد بن الحنفيه لكنه لقنه الى الحسن البصرى المولود 21 هجريا وكان عمره يوم تولى على الخلافة 14 عاما وكان ذلك عام 35 هجريا ولما كن عليا قد قُتل رضى الله عنه عام 40 هجريا (بعد 5 سنوات وثلاثة اشهر فى الخلافة) يكون عمر الحسن البصرى حينئذ 19-20 عاما أى أن التلقين من على الى الحسن البصرى كان والحسن البصرى شابا فى مقتبل العمر من 16-19 سنة مثلا (سنجد أن ذلك غير صحيح) وبمراجعة سيرة الحسن البصرى نجده قد انتقل الى البصرة عام 36 هجريا اى بعد مقتل على رضى الله عنه ولما كانت معركة الجمل عام 36 هجريا كان عمر الحسن البصرى 15 عاما وتذكرلا انه بعد موقعة الجمل حدث الطلاق بين عاصمة الخلافة الخلافة القديمة (المدينة المنورة) وبين الخليفة على الذى استقر بعدها فى الكوفة
فلم يحدث تلاق بين الحسن البصرى (غير مذكور بالتاريخ) وبين على بدءا من عام 36 هجريا خاصة وان الحسن البصرى لم يكن من المشاركين فى موقعة الجمل ولا فى اى حرب دارت فى خلافة على ولم يكن فى جيش على او جيش معاوية
فالمصادر تخبرنا ان اول عمل للحسن البصرى كان عام 43 هـ ككاتب غزوة فى خراسان لحساب امير خراسان (تحت الحكم الأموى) اى انه فى عام 43هـ كان عمره 22 عاما وهى سن الحرب والغزو
طبعا علماء كثيرين بنكرون سماع الحسن البصرى من على بن ابى طالب حتى جاء السيوطى ليقول بسماع الحسن البصرى من على بن ابى طالب ولكن هذا لا يشغلنا بحثه حاليا ولكن يشغلنا ما تسفر عنه الارقام بانقطاع العلاقة بين على وبين الحسن بدءا من ذهاب على الى الكوفة عام 36 هجريا وكان عمر الحسن البصرى 15 عاما اى ان تلقين على للحسن كان وعمر الحسن اقل من 15 عاما
ألم يكن هناك أحد من كبار الصحابة قد تلقن الذكر من على غير الحسن البصرى !!!!
والحسن البصرى لم يلقن الا حبيب العجمى حتى انتهى الأمر الى ابى الحسن الشاذلى وكانها طريقة الآحاد من الناس فهى سلسلة ضيقة جدا قام صاحبها (الملقن) بايثار شخص واحد فى زمنه ليلقنه ولم يكن التلقين عام ومشهور بين الناس وكأن الملقن اقتطع قطعة عظيمة من الدين واثر بها نفسه (وفرد واحد فى زمنه) فالتلقين ليس مشهورا له عدة شواهد وطرق ليقوى بعضها بعضا .. هو شئ من التاريخ السرى الذى لا يجوز البوح به ونشره للعامة لاعتقاد اصحابه انهم هم (الخاصة)
ان كل يوم يمر وانت تتابع القراءة والاحداث والفهم تكتشف اغوارا مظلمة وأحاديث سرية ومخططات جهنمية للاستئثار مثلا بالجنة ودفع الناس جماعات اشتاتا الى النار .. ولا يعلم القارئ ان راية الشيطان الخفية تجدها منصوبة على كثير من القباب والاضرحة وانه كما يتلاعب الشيطان بالعامة فانه يتلاعب ايضا بالخاصة
ولنبحث قليلا فى النص المذكور المنسوب الى الرسول
انك لاتجد نصا بهذا اللفظ للرسول صلى الله عليه وسلم تجد اشباهه واذا تطلعت فى بعض كتب التصوف التى اوردت هذا الحديث فانهم لا يعزون السند مثلا عند البخارى أو مسلم ولكن يعزونه الى اشباه احاديث اخرى معلوم صحتها لكن سند تم تخريجه بهذا اللفظ حتى الان لا اجد له نصا ولعلى اصل اليه
انك تجد ما هو
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال موسى: يا رب، علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به.
قال: قل يا موسى، لا إله إلا الله.
قال: كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى، لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله)
رواه ابن حبان والحاكم وصححه لكن إسناده ضعيف؛ لأن في إسناده دراج بن سمعان، وكنيته: أبو السمح، يروي عن أبي الهيثم، ودراج صدوق، وقالوا: ثقة إلا في روايته عن أبي الهيثم وهذا من روايته عنه فهو ضعيف، لكن جاءت أحاديث قريبة من هذا المعنى في فضل لا إله إلا الله.
هذا الخبر جاء عن موسى وليس عن سؤال سأله على للرسول فهذا متشابه اللفظ يؤكد المعنى ولا يؤكد انه مما مقاله النبى لعلى
ومما تجده صحيح عند البخارى ومسلم:
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السَّاعةُ حَتَّى لاَ يُقَالَ فِي الأَرْضِ: الله، الله"
قد تم جمع حديث ابى سعيد وحديث انس فى حديث واحد وتمت اضافة متون التلقين ليصبح حديثا كاملا هو اساس المتصوفة ولا سند لهم فيه فى كتب الصحاح بل سند غير موثوق به لانه سند باطنى سرى ممنوع على الأمه ان تعلمه وتتحقق منه وتستفيد من نصه .. فالعادة والأصل ان المتصوفة لا يسلكون الا طريق الاحاديقث الضعيفة والموضوعة (ليس سندا فقط ولكن متناً) فكتب التصوف تمتلأ بتلك الأحاديث الخرافية التى ينكرها أهل العلم والمعرفة المتخصصين فى علوم الحديث وهى مما لا يقبله الا قلب مريض وعقل لاشِ متهشم
عامة تلك ملاحظاتى الأولية ولم ازل فى بحثى عن السند وصحة هذا الحديث وحتى اشعار آخر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق