لمراجعة اليوم الأول انقر الرابط
(2) يُوُهٍ*
* من أسماء الله في اللغة السوريانية بمعنى الأول والآخر
هَبطتْ من الرسوم بومةٌ، تلفّتت حولها ثم
تقدّمت من العاشقة فاردةً جناحيها تقول:
الآن
وتوالى سقوط البوم حتى أصبح الجسد
موشومًا بها كالثآليل
بكت العاشقة وصالبت ذراعيها على صدرها
تصلّي
: تبارك القمرُ والسّاكنُ بفلكه، الآخذُ بناصية
خُدّام يومهِ؛ الاثنين، الياءُ، الفضّةُ، الحارُّ الرّطبُ
ارتجّ الغاُر وخرج من الحائطِ رجلٌ من
الفضّة، دار حول الجسد الأحد
فطارتْ البومُ إلى أماكنها في الرسوم تنشدُ:
عندما يسطع النور
سترافق روحي
وتتقمّص الوعل الإلهي
فأخرجُ من الأرض
وأفتحُ الجحيم
انحنى الرجل من الفضّةِ وقال: آمين
ثم تقدم من العاشقةِ وقال: أنا خادم الاثنين
واسمي الأبيضُ
وأخذ قبضةً من الهواء فصارت نايًا، راح
ينفحُ
فيه فتقلقلت الأشياء من أماكنها وراحت تخفُّ
حتى طفتْ الأباريقُ والأواني في الهواء،
طفا
الماء على هيئته وانكشف سقفُ الغارِ فانطلق
الهدهدُ صائحًا انظري
رأت نفسها تطلُّ من علٍ على قبّةٍ من نورٍ،
على
رأس القبّةِ لواء أصفر وحولها عشرةُ أعوانٍ،
وكلما نظرتْ إلى جهةٍ انحنى لها الخدّام
ومَنْ
تحت إمرتهم من خلقٍ عدد القطر لا يعلم
عدتهم إلا هو
قالت البومُ، وهي تتململ على كتفها: تقدّمي
فتقدمتْ، وجدتْ تحت القبّة إيوانًا وفوق
الإيوانِ كرسيّا من نور
أفسح لها جبرائيل مكانًا على جناحه وقال:
مري ما شئت
قالت: جسدٌ أحدٌ ولا حياة، أشرْ عليّ
قال: قبّليه، يتنفّس من فمك
ليقّبلني بقبلات فمه، لأن حبَّه أطيبُ من
الخمر
شهق فهبّت ريحُ الشمال واهتزّت المياهُ
وتمايلت
الأشجاُر وانخطف القمحُ كشعر سُرِّح باتجاهٍ،
وراحت التلال تتنفّس ككير حدّادٍ، فطارت
الأحجارُ من مكان إلى مكان، خفيفةً تستوقف
بعضها بعضًا ويتحادثان في الهواء
اختلج الجسدُ، وانفجرت عطسةٌ فانتزعت أوتادٌ
من مكامنها وطارت خيمةٌ في الجوّ فولولت
امرأةٌ تحت رجلٍ وقد فوجئتْ بالسماءِ تُحَِّقُ
في عورتها.
وارني عن اسمي وإلا رأيته ولم ترني
الدولُ تتساقطُ كأصابع مجذومٍ، والجثثُ
تتابعُ الذين
يحفرون القبور بعيونٍ كفّوهات البنادق
اختلط نهجانُ الجسد بتأوهات العاشقةِ، ورأتْ
البومةُ هذا فقالت: صلَِّ.. لأنه سيولدُ
لكِ منه
ثم حطّت على رأسه، نقرته ثلاث نقراتٍ
وقالت:
ولكن، لن يكون في مقدور من تلدينه أن يلدَ
غيره
قالت العاشقةُ: وهل ألدُ للموت؟!
قالتْ البومةُ: بل يظلّ خالدًا لا يموت،
نظمه
بددٌ وبددهُ نظمٌ، ومتّصله
مفصولٌ ومفصوله متصلٌ،
وغُفله موسومٌ وموسومه غفلٌ،
ويقظته رقادٌ ورقاده يقظةٌ،
حياته موتٌ وموته حياةْ
شاردًا، كان يتفقّدُ عمره من أعلى مثل منطقٍة
منكوبة
طرقعتْ بإصبعين فاختفت جالسةً في نومِ الربّ،
تسمعُ وترى
كنتُ نائمًا وصحوتُ على حجرٍ في الحائط
يصرخُ: هي.. هي. قم يا حيرانُ. بحثتُ لم
يكن
أحدٌ، اقتربتُ من الحجر، الذي تولّعَ بها
فتوهمها، كان يشهقُ ويشرقُ، بالدمع، ربَّتُّ
عليه مواسيًا فتحول إلى حمامةٍ وطار
تهّيأتُ للخروج وراءه فوجدتكِ عند باب
ذاكرتي تبتسمين.
عند النهر الكبير، حيث تمضي الشوارعُ كثرثرٍة
حُرَّةٍ، التقينا. وعلى حافّةِ الماءِ رأينا
الزوارق
المقلوبة، تعلو وتهبط كظهور رجالٍ يضاجعون،
فضحكنا، وتعّريتِ تتجولين على الماءِ وأنا
أصيحُ: انتظريني.. الماء أحاط بخاصرتي.
قلتُ للأسماكِ التي تثبُ وتغمز ضاحكةً:
سوسنةٌ
بين الشوكِ حبيبتي بين البنات
نزل الماء ليغتسل فرأى، وهو في الماءِ،
مثل
ما يرى النائم كأنه في المدينةِ المنوّرةِ
وقد تزوج
وأقام مع امرأةٍ ست سنين
ثم رُدّ إلى نفسه، وهو في الماء، فخرج وأخبر
أهله بما رأى
فبعد أشهرٍ جاءت تلك المرأة تسألُ عن داره
فلما
رآها عرفها وعرف أولاده منها، وسألوها:
متى
تزوجك فقالت: منذ ست سنين.
قم يا سيّد القمحِ والكروم
أيها النائم
والنيل يجري بين ساقيه
قم أيها العاشق بحق ياهٍ يوهْ
من سمع الغناء على حقيقته مات، وأنا أسمعك
فأشعرُ أنني أستيقظ مرتين في لحظةٍ واحدة
كان من اليسير عليها أن تقرأ تعويذةً فتدبّ
الحياةُ في الصورة والنقش، صنعت تمثالا
لغزالٍ ثم قرأتْ عليه فقفز في الفراغِ ولم
يُر
بعدُ.
يقولون إن الوعلَ يمشي إذا شاء، ويطير إذا
شاء، وإن ما يحمله على رأسه ليس إلا هيكلا
عظميا لجناحين هائلين، كان يحلّق بهما في
الجنّة.
كان يصيح من الحر في بطنه، ومن
البرد في ظهره، بين يديه الثلج وخلفه
النار
وضع الملاك يمناه على كتفها، ووضعت يسراها
حول خصره، وراحا يتمشّيان
: ما أخباره الآن
قال: أصبح واهنًا، ينام أثناء الكلام
نظرت في عينيه طويلا
فقال: لا!!
ثم ودّعها، وأشار فاختفت القبّةُ
ووجدت نفسها على الماءِ وموكبه يعرجُ في
السماوات
وكان مساءٌ
وكان صباحٌ
يوما ثانيا، الاثنين
الهوامش
3. "عندما يسطع نور المستنيرين سترافق روحي أوزيريس وتتقمص الصقر الإلهي وسأخرج من الأرض وأفتح الجحيم لأرى الشمس وهي تسطع في صباح العالم الجديد"
7. "ليقّبلني بقبلات فمه لأن حبك أطيب من الخمر" نشيد الإنشاد
10. "وارني عن اسمي وإلا رأيته ولم ترني" النفري
12. العالم من حيث هو كائن فاسد، ومن حيث هو فاسد كائن، فلذلك نظمه بدد وبدده نظم،ومتصله مفصول ومفصوله متصل، وغفله موسوم
وموسومة غفل، ويقظته رقاد ورقاده يقظة، غناهفقر وفقره غنى، وحياته موت وموته حياة"
التوحيدي (مقابسة 99 المقابسات)
17. السوسنةِ بين الشوك كذلك حبيبتي بين البنات
نشيد الإنشاد
20. من سمع الغناء على حقيقته مات"
التوحيدي (الإمتاع والمؤانسة)