الأربعاء، 30 مارس 2022

الكوكب المعجزة - رسالة 1

 


الاسكندرية فى 30/3/2050

صديقى جون 

من كوكبى الازرق (الأرض العظيمة) ومن ارض الحضارة ومهد التاريخ مصر المحروسة أحمد اليك الله الذى لا اله الا هو وارسل اليك كامل اشتياقى وخالص مودتى وكامل المُنى أن تكون بخير وأن تكون رعاية الله قد شملتك بايجاد عمل جديد فى مديرية التطوير والتكنولوجيا بكوكبكم الراقى السعيد ادام الله على أهله العز والسعادة 

قد انقطعت اخبارك وانقطعت اخبارى وشغلتنى أمور وأمور عن التواصل معك لسنوات ولم يكن ذلك عن فرط إهمال منى قدر كونه شُغل شاغل سلب منى الُلب والوجدان فآثرت ان انزوى قليلا منتظرا ما قد تسفر عنه الايام من ايضاح لمبهمات وتفسير ولمتناقضات ومحو لعدد لانهائى من علامات الاستفهام التى لم يتضح تأويلها حتى الان 

ولما كنت يا حبيبى ممن يعشقون بلادنا الحبيبة والتى سلبت منك المُهج والفؤاد حين زرتها قبل عقدين من الأعوام ومع رغبتك اللحوح فى معرفة اخبارى واخبار مصر والمصريين فإنى سأكتب لك ما كان وما يكون ولعلى أجد فى كتابتى اليك سلوى (ومنى وريهام) بما قد تفيدنى به قريحتك الفذة وعقلانيتك الكونية بما يساعدنى من تسهيل الأمور والاحوال على نفسى وعلى من حولى متطلعين الى أيام فيها من فضل الله ورحمته ما يُسكن قلوبنا الدامية بمشاعر الحزن والجزع الى غد افضل يسود فيه العدل والموئمة والسلام 

واحب أن اعلمك ان زوجتى الطيبة الحنون حٌبلى فى شهرها السابع وعن قريب تضع مولودا ذكرا قد اسميته سلفا ولد الحاج بنيامين فرانكلين وذلك تيمنا بالرئيس الامريكى المرسوم على ورقة الــ 100 دولار امريكى ولعلك تعجب من أن أُسمى ولدى القادم واول ضيف من الغيب تضيفه اسرتى الصغيرة بهذا الاسم الاجنبى عن اسماء بنى وطنى ولكن للقصة حكاية بدت تتضح معالهما كلما مرت السنون وتنكشف غيومها عن شمس حقيقتها المُرة بمرور الأيام 

وعلى المستوى الشخصى قد راسلنى شخص من إمارة الخليج العربى الموحدة (دام عزها) مصرحا لى بأنه سيزور مصر بعد شهرين ويود مقابلتى لشئ هام قد أسرد بعضه فى رسالته وهو كونه عبد مملوك لأحد اسياد مواطنى الدولة الخليجية الموحدة وان ثمة صلة قرابة بينى وبينه فهو اخ شقيق لى قد تم بيعه منذ ربع قرن لهذا السيد ولأنه قد امضى كل تلك الفترة فى العبودية فيحق له حرية التنقل والعمل والسفر والكسب واشياء بدت فى ذهنى مستحيلة لما فى ذلك من مخالفة لمواثيق حقوق الانسان وأعراف التمدين فجُّل ما اعلمه أنه قد صدر قرار رئاسى فى 2024 يُسهل عمليات نقل (بيع)الاطفال المصريين فوق سن العاشرة الى غير المصريين الغير مقيمين بوصفهم مصطفيو البعثات (عبيد وإماء) مقابل مبلغ دولارى تحصل الدولة المصرية منه على نسبة 40% وهو كونه قانون سرى قديما قد أًعلن سرا الغاؤه فى 2028 بعد انتفاضة البرشمجاية الا انى لا اخفيك سرا وهو اننى منذ استلام تلك الرسالة وانا ابحث فى الزوايا الخفية عن الابصار لأجد أن هذا القانون السرى القديم الذى لم يتم العمل به الا اربع سنوات فقط لأكتشف انه ما زال ساريا وأن ارباب النفوذ يقومون بتطبيقه .. تماما كما لو كنت تشاهد فيلم ((لحم رخيص)) والخاص بزواج المصريات الى كهول وشهوانيو دول الخليج فى تسعينيات القرن الماضى مقابل مبلغ مالى معتبر يحصل السمسار فيه على نسبة كبيرة من مبلغ العقد ليتحول الأمر وكما كان يحدث فى الهند الفقيرة فى قديم الزمان حين يبيع الرجل طفله أو يرهنه ويستبدل بثمن طفله قوتا ليُطعم بقية الأطفال .. والان اصبح ذلك سبوبة ولقمة عيش لأصحاب النفوذ وليحيا زمن البيزنس 

لا أكذبك قولا اننى ومنذ وصلتنى تلك الرسالة من ذلك الشخص الذى يفترى عليا كونه شقيقى وانا فى حيرة من أمرى فليس لى الا اخ واحد شقيق يصغرنى اعواما وان كلا المرحومين والمغفور لهما بإذن الله أبى وأمى لم يخبرانى قط بمثل ذلك الأمر ولعله كان سرا مستحيل البوح به لما فيه من عار ومهانة على تاريخ اسرتنا العريقة ... ولعلى أجد سلوى لذهنى المرتعب من صولة الحقيقة إذ اخبرنى ذلك الشخص انه يحمل ما يفيد صحة افتراؤه 

ولقد آثرت أن اطرح الموضوع جانبا فى زوايا مهملة بخزائن افكارى فما يشغلنى اليوم أشد صرامة وأكثر الحاحا من مشاكل غدى او فرط الحقائق أوالأكاذيب التى ستنكشف لى بعد شهرين من الان حين ألقاه .. فمخزونى من الدولارات اقترب من النفاذ ويتحتم عليا السفر الى الحدود فى غضون ثلاثة ايام لأغزو مع جماعتى اى مدينة على حدود دولتنا الغربية بحثا عن دولارات لمواجهة نفقات الشهر القادم فرغم كونى أعمل صحفيا فى صحيفة محلية الا اننى لا استطيع توفير الدولارات اللازمة للحياة الا من خلال غزو المدن والقرى فى دولة ليبيا والتى تقع على حدودنا الغربية فلم تزل تلك المدن والقرى تعج بخيرات سمان نقتات عليها لتمر بسلام خيراتنا العجاف 

وعن اخبار مصر انقل اليك آخر خبر صرح به وزير مالية الدين العام 

انخفاض سعر صرف الجنيه المصرى أمام الشلن الكينى ليصبح 

1 شلن كينى = 300 جنيه مصرى

للقصة حكاية يا صديقى 

فى 21/3/2050 قررت قوات الدين العام فرض رسوم التعليم والصحة والانتقالات بالدولار الأمريكى

لو عايز تدفع مصاريف مدرسة تجريبى أو خاص بالدولار يا استاذ بل كل ما يتعلق بالخدمات التعليمية يكون بالدولار حتى الدروس الخصوصية الدفع بالدولار أو ما يعادله من العملات الأجنبية حتى لو كان شلن كينى أو كولون كوستاريكى

ولم يزل عدد التلاميذ فى الفصل الدراسى الواحد مستمر وتم الحفاظ عليه بمعدل 100 رأس (تلميذ) فى كل فصل

جميع الخدمات الصحية واسعار الأدوية وكافة المستلزمات الطبية اصبحت بالدولار لو عايز حتة قطن أو حتة شاش او قرص اسبرين ستدفع الثمن بالدولار .. التأمين الصحى لطلاب المدارس مستمر ومجانا فى ظاهره بالدولار فى باطنه حيث تم زيادة مبلغ 100 دولار (يا بلاش) على مصاريف المدارس مقابل التأمين الصحى للتلاميذ والطلاب 

أما التأمين الصحى لأصحاب المعاشات وغير القادرين فقد توقفت الدولة عن تقديمه وحتى قبل زمن الاحتلال الكئيب 

الموظف الحكومى وحده هو الذى يتمتع بتلك الخدمة (التأمين الصحى) ولكن عليه أن يدفع ثمن الاشتراك بالدولار 

العيادات الخاصة منتشرة بكثافة والصيدليات اكثر من الهم على القلب لكن كل شئ بالدولار وكل هذا التطوير فى مجال الصحة كان نتيجة لتوقف شركات الأدوية المحلية عن انتاج الدواء لسوء سمعتها وتدنى جودة منتجاتها الدوائية الأمر الذى دفع اصحاب تلك الشركات الى التوقف عن الانتاج وتحولها الى مستوردين للأدوية المنتجة من اوربا والامريكتين 

مصاريف السفر والانتقالات العامة والخاصة اصبحت تعريفتها بالدولار القطارات الاتوبيسات الميكروباصات السفن والبواخر والطائرات حتى التكاتيك والموتوسيكلات اصبحت التعريفة بالدولار لأن كافة انواع الوقود المستخدمة فى الدولة الوطنية يتم دفعه بالدولار 

مصر 2050 اسوأ حالا من مصر 2030 واسوأ حالا من عهود المماليك والعثمانيين ولا نعرف مما نسمعه من اخباراذا كانت هناك دول تشابه حالتها حال دولتنا التعيسة 

لم أزل اعيش فى الاسكندرية نفس المدينة التى قضيت فيها معى أحلى الايام ولكن بدا على المدينة آثار الزمن وحاوطتها الصحراء الا من جهة البحر الذى اخضر لونه اكثر واكثر واكثر ليفضح كمية الصرف الصحى الذى عادت الدولة الى التخلص منه فى بحرنا 

ممنوع على عقار تهدم أو آل حاله للسقوط ممنوع ترميمه أو هدمه أو اعادة بناؤه .. اصبح عدد الخربات (الخرابات) بعدد الاراضى الفضاء تصحرت المدينة من داخل ومن خارج .. كل المدن القديمة اصبحت كذلك لا مزارع أو مصانع والخدمات مهترأة والبنية التحتية اصبحت ظاهرة فوق الاسفلت بعد انهيارها وتخريبها وما هى الا سنوات وتسكن الغرب مدننا كما سكن الغراب الناعق بالخراب فى نفوس الناس

كافة السلع الاساسية والترفيهية موجودة !!! ولكن بأثمان باهظة 

نحن سكان المدن القديمة كالقاهرة القديمة والاسكندرية ومدن القناة والصعيد ووجه بحرى لدينا مزيج عادى من السلع الاساسية السكر والزيوت والشاى والبن والدقيق والارز والمكرونة وكافة البقوليات وكافة انواع الخضروات وبعض انواع الفاكهة فقد حرمت الدولة فى 2028 على سكان تلك المدن الفقيرة من وجود تفاح او مانجو او اناناس أو انواع اخرى كنا نسمع عنها ونشاهد صورها فى الاعلانات، أكثر ترفيه ممكن نحصل عليه شوية لب وسودانى بانواعهم اما الكاجو مثلا والفستق وامثالهم من المكسرات فيمتنع علينا شرائها لانها غير موجودة اصلا الا فى المدن الجديدة لاننا لا نملك ثمنها 

اذكر التاريخ جيدا كان فى 2028/7/1 حيث خرجت علينا الحكومة بنشرة اقتصادية سجلت فيها المسموح لنا سكان تلك المدن بشراؤه وتوافره فى الاسواق 

ان كنت تسكن فى الجلالة او العلمين الجديدة أو العاصمة الادارية أو المدن العسكرية الجديدة فكافة السلع والخدمات وكافة وسائل الترفيه موجودة وأثمانها جميعا بالدولار أما سكان المدن القديمة على شاكلتى فقائمة السلع المتوفرة بالاسواق محددة والراتب محدد والاثمان بالجنيه باستثناء التعليم والصحة والسفر والمواصلات فتلك الخدمات يتم سدادها بالدولار 

فى 30/6/2030 قامت مجموعة دول العشرين الدائنة لمصر مع مفوضى البنك الدولى وصندوق النقد الدولى بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولى رقم 1136 باستيلاء الدائنين على الموارد المصرية ايفاءا لدينها الخارجى الذى تجاوز 500 مليار دولار فتم احتلال البلاد والسيطرة على العباد بقوات مسلحة اجنبية هدفها تمكين الدائنين من تحصيل ديونهم التى تضاعفت وتضاعفت وتضخمت وترهلت منذ عام 2014 

فأصبحت قوات الاحتلال (قوات الدين العام) هى المنوطة بالحفاظ على الأمن ومراقبة انتاج وتوزيع الموارد وخصمم حصص الدائنين الى جوار الحكومة الرشيدة ورئيس الدولة المُفدى وأعضاء الهيئات الاستشارية العليا وكامل هيئات القضاء والشرطة والعسكريين والسادة المحافظين ونوابهم ادام الله بقاءهم وحفظهم لشعبنا المسكين

لقد عجزت الحكومات المتتالية (الغير منتخبة - والتى جاءت لتنفذ أجندة سياسية -لا اقتصادية) عن الحفاظ على متوسط اقتصادى معقول تتوازن فيه الاحتياجات مع كمية الانتاج وتعويض الفائض بالواردات بل تم تنفيذ خطط ممنهجة لتفريغ الاقتصاد المصرى من مقوماته وابطال مفعول علوم وقوانين الاقتصاد لتتحول الحكومات المتعاقبة الى بائع لأملاك الدولة وجابى ضرائب وأكبر مقترض عالمى ولولا الاحتلال الذى نحن فيه لأصبحنا أكبر مقترض كونى!!!

ومادمنا قد اوشكنا على العاشرة مساءا فانهى كلامى معك قبل الانقطاع الاجبارى للتيار الكهربائى والذى يبدأ يوميا من العاشرة مساءا وحتى السادسة صباحا .. وحتى اعاود الظهور والكتابة لا صبحك الله بالديون ولا العوز ولا الاحتياج  ودمت وأهلك وكوكبك الغُر الميمون بألف خير وسلام ختام 

ليست هناك تعليقات: