الأربعاء، 12 يناير 2022

الدجاجلة - وهم المعرفة

 أريدك ان تظن اننى اعرف الاسرار .. اسرار الدولة - الاسرار الإلهية اياً كانت تلك الاسرار فتعتقد فيا ما ليس فيا 

اننى أُلبس عليك واخدعك واستغل غفلتك وعدم اعمال عقلك فيما تسمع ربما لانك مستسلم أساساً أو انك شخص من طبيعتك الا تفكر ولا تعى ما يُقال لك 

فى يوم استمعت الى شيخ طريقة صوفية سألوه عن اسرار الحروف المقطعة فى اوائل السور (الحروف النورانية كما يسميها البعض) فأجاب وقال: هذا من الأسرار .. طبيعى انه لا يكشف هذا السر لانه غير مأمور بنشره وطبيعى ان تعتقد انه يعلم هذا السر فتعتقد فيه اشياء واشياء من التقديس وكمال المعرفة وانه الولى الهمام التى احاطت علومه بالأولين والآخرين .. وهذه الاحاطة لم تحدث من قبل لأى ولى مهما ادعى مريديه ومهما زوروا فى الكتب ومهما قال إيهاما لمريديه .. فاكثر ما يقال هو نوع من التخييل للاخرين وفتح باب الاعتقاد فيهم والله وحده اعلم بنياتهم وبما يقولون 


لو كنت صادقا وسألك أحدهم عن شئ فقل لا اعلم ... ولا تقل : انه سر قد اباح الله به لى ولست مأمور بنشره وقوله 

فى الحالة الاولى بقولك الله اعلم فانت رجل صادق ولا يقلل هذا ابدا من علمك ان كان لديك علم ومعرفة 

وفى الحالة الثانية ان قلت انه سر فانك تخدع من حولك ولا نعتقد فيك الصدق 

فى يوم سألنى أحدهم عن معرفة شئ فلم اجبه وصمت وسبب صمتى اننى لم اكن اعلم ما اقول له فأنما اعلم البعض عما سأل ولست على يقين بما اعلم وليتنى قلت لا اعلم لانه ظن ظنا اولياً ونهائياً اننى اعلم بالامر علم اليقين ولكنه من الاسرار ولن ابوح به 

حين احلل هذا الأمر فأنا اصف نفسى هنا الآن بأننى خدعته فكان الأولى ان اقول لا اعلم 

وفى حياتنا اليومية قد يكون أحد اصدقائك او اهلك اباح لك بخبر ما واستأمنك عليه بعدم البوح به لأحد ايا كان 

مثلا أحمد اخبرنى بأنه لم يذهب بالأنمس الى الدرس وخد فلوس الدرس وذهب بها ليلعب بلاى ستيشن واحمد أكد عليا انه سر لا ابوح به حتى لا تحدث له مشاكل ان قلت بالخبر .. 

وحدث انى قابلت ابو أحمد وسألنى عن كون أحمد قد ذهب للدرس 

فان قلت : لا اعلم فقد حافظت على السر (وبغض النظر عن كونى صادق أو كاذب) 

وان قلت : لا لم يذهب الى الدرس فقد او قعت احمد فى مشكلة وبحت بالجزء الاكبر من السر وستبدأ المشاكل لأحمد 

وان اضفت فى قولى انه انفق فلوس الدرس على لعب البلاى ستيشن فقد زدت الطين بله واستكملت منتهى المشاكل التى ستحدث لأحمد 

وان قلت هذا سر لا يمكن البوح به فاننى أكون قد أوقعت المستمع فى شك وتركته للظنون الأكيدة بأن الأمر غير طبيعى 

ونوع اخر من انواع الوهم والنصب على المريدين أن يقف سيخ الطريقة ليسأل مريديه : حد عنده سؤال فى حاجة .. اى حاجة ؟؟؟

هذا القائل مستعد للاجابة عن أى شئ وقد نصب فخ للمستمع بأنه يعلم كل شئ واى شئ وانه حاز علوما ومعارف لا يحوزها غيره والدليل انه يجيب عن اى شئ وكل شئ مرة بالهطل ومرة بالتدجيل ومرة بالوهم ومرات بكونها اسرار 

تعلمنا فى المدارس والجامعات وقاعات البحث ان يسأل المُحاضر الطلبة أو الحضور : اى سؤال او استفسار عن ما القيته فى الدرس 

لكن حد عنده سؤال فى حاجة .. أى حاجة هذا صورة من صور الخداع والاستغفال المتعمد للعقول 

ودائما يلعب بعض النصابون بمصيدة الوهم فقد يأتيك موظف حكومى مثلا أو شخص يدعى انه على اتصال بكبار رجال الدولة وان هناك اسرار لا نهائية يحملها فى جعبته فان سألته عن شئ مثلا يجيب بانه سر لا يستطيع البوح به فتظن فيه ما تظن من علة منصب واستكمال نفوذ .. وهذا نوع من انواع النصب والخداع والضحك على العقول ان احاول ايهامك باننى على علم ومعرفة واننى واننى واننى وانا فى حقيقتى أجهل بكثير جدا عما تظن 

فمن قال لا اعلم فقد صدق ومنع سيل من الأكاذيب يكاد أن يطيح بأفكار ومعتقدات من حوله .. فأنظر بماذا تجيب غدا

للعلم مقولة (من قال لا اعلم فقد أفتى ) هذه مقولة عادية ولسيت حديث نبوى صحيح والأصح عندى ان اقول - فقد صدق - لا أن تقول - فقد أفتى- قال تعالى : لاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ {النحل:116}

ليست هناك تعليقات: