كتب الدكتور الراحل مصطفى محمود كتابا بعنوان : رأيت الله
وليس بالكتاب اى اشارة او مضمون او مناقشة لرؤية الله فهو مجرد نصوص منتقاة من كتاب المواقف والمخاطبات لـ محمد عبد الجبار الحسن النفرى الصوفى العراقى .. ومن جميل الإحالة احالتكم الى قراءة هذا الكتاب النفيس
وقبلها كان الأديب الراحل توفيق الحكيم قد كتب مجموعة قصص قصيرة عنوانها : ارنى الله (تبارك الله رب العالمين)
وايضا ومن جميل الإحالة احالتكم الى قراءة هذه القصص الفلسفية السمينة
ولكنى حين اكتب اليوم فانى ادون بعض (وليس كل) خلجات نفسى وافكارى عما يسميه البعض رؤية الله عز وجل
ولعل اشهر حالة لرؤية الله عز وجل هى فى سورة الاعراف حالة نبى الله موسى صلى الله عليه وعلى الانبياء والمرسلين اجمعين
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)
وليس التدوين الحالى يتطرق الى حالة الرؤية وأمكانها أو ثبوت تحقق الرؤية من عدمها أو فهم العلماء والعامة الناس للنص القرآنى وعن المعراج تم توجيه السؤال للنبى الخاتم صلى الله عليه وسلم : أرأيت ربك؟؟
لا نعرف أحدا على اليقين سأل المولى عز وجل الرؤية الا موسى ولم يجيب أحد ابلغ من اجابة النبى الخاتم رأيت نور .. أو قوله فى رواية اخرى نور انى أرؤاه
لكن تمتلأ كتب التصوف ببدعة الرؤية والتجنى على المولى القدير وبالطبع فقد ساق علماء الدين على مر القرون بحوثا فى امكانية الرؤية فى الدنيا مع ثبوت الاتفاق والاجماع على تحقق الرؤية جزما فى الآخرة
وبعيدا عن كل هذا فهى مجرد اشارات نصية تدلل على عدم غياب الفكرة دينيا أو أدبيا أو عقليا
فالذاكر حين يصل الى درجة الانشغال بالمحبوب (وحتى وان لم يصل لهذه الدرجة) تأخذه الجلالة (تعظيم النفس) ليتجرأ ويشطح وينحرف ويطلب من الله عز وجل تبارك اسمه وتعالى جده يطلب منه الرؤية ... رؤية الله
تأخذه الجلالة هى اصطلاح شعبوى مصرى وفيه تعبير صادق عن حالة نفسية تصيب المتكلم حين يندمج فى الحديث ويجد ممن حوله انصاتا فنزيد رغبته فى الزيادة فيبدأ بالشطح والتأليف والتحريف لتحسن لفظه ويزداد اعجاب من حوله به - وفى احيان اخرى يُجود كما ان الشيخ القارئ فلان قد اخذته الجلالة فى قراءة القران فاضاف حُسنا الى حُسن أدائه نتيجة لاعجاب المستمعين ولو لاحظت الحالة النفسية لمن تأخذه الجلالة ستجده قد استطاب بالحضور لا استطابته بالعبارات (فى حالات الخطابة) أو التلاوة الشريفة للكتاب العزيز
ان الجلالة التى تأخذ مثل هذا اساسها العُجب ... إعحاب الاخرين بتلك الطريقة التى تؤدى بها الخطابة او التلاوة وللعُجب مدينة عظيمة بأس اركانها شديد راسخة فى نفوس البشر يسكتها شياطين من ابناء ابليس متخصصون فى التشييد والبناء وحاصلين على شهادات عُليا رفيعة المستوى فى حُسن الأداء ودقة التطبيق ولا تخلو نفس بشرية من هذا الاستيطان الشيطانى لدولة النفس البشرية
وعلى الفور يجب ان أروى لك قصة عبد القادر الجيلانى مع ابليس لتكتمل تلك الرؤية حيث ذكر ابن تيمية فى كتاب قاعدة جليلة فى التوسل والوسيلة صـ 55-56 بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط
حيث يقص قصة الشيخ عبد القادر الجيلانى مع الشيطان
يقول الشيخ عبد القادر : ( كنت مرة فى العبادة ، فرأيت عرشاً عظيماً وعليه نور ، فقال لى : ياعبد القادر ! أنا ربك ، وقد حللت لك ماحرمت على غيرك ،قال : فقلت له أأنت الله الذى لا إله إلا هو ؟ اخسأ ياعدو الله .قال : فتمزق ذلك النور وصار ظلمة ، وقال : ياعبد القادر ! نجوت منى بفقهك فى دينك وعلمك وبمنازلاتك فى أحوالك ، لقد فتنت بهذه القصة سبعين رجلاً .
فقيل له : كيف علمت أنه شيطان ؟
قال : بقوله لى : حللت لك ماحرمت على غيرك ، وقد علمت أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لاتنسخ ولاتبدل ، ولأنه قال : أنا ربك ، ولم يقدر أن يقول : أنا الله لا إله إلا أنا .. ) اهــ .
تخيل حضرتك ان سبعين رجلا قد خدعهم الشيطان وهم كلهم اهل تصوف (ساعون للرؤية) وكل واحد منهم لديه مجموعة من المريدين فلنقل مائة وكل واحد قد أخذ عن شيخه تلك الرؤية ونشرها ككرامة للشيخ (بصرف النظر عن موضوع رفع التكاليف) ولو تم حسابها كمتوالية عددية ممكن على مدار تسعة قرون يكون هناك عدة ملايين قد افتتنوا بأن شيوخهم السبعين قد رأوا الله عز وجل وانه حادثهم واعطاهم ما لم يعطى الله أحد من العالمين .. تخيل ان الشيخ يخبرك ان كشوفاتك ورؤاك وفتحك يكون من قلب الشيخ ابتداءا ونهاية وقلب الشيخ قد امتلأ تعظيما لمثل تلك الرؤية وفى قلبه سهم نافذ من سهام ابليس .. من لا شيخ فشيخه الشيطان .. (مقولة صوفية غير صحيحة) فما بالك من كان له شيخ وسهم الشيطان نافذ فى شيخه
نعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا ومن أسهم الشيطان وجنودهوبالحديث عن الشيطان تجد قاعدة غريبة وهى ان السارق لا يقصد بيتا خربا
يعنى الحرامى لا يذهب الى سرقة خرابة متهدمة معدومة الموارد فكذلك الشيطان لا يذهل الى قلب صدأ من الغفلة عن الله العزيز الحكيم بل يقصد قلبا عامرا بالايمان ليصوب اليه سهام الضلالة والانحراف عن الصراط
وهذا قول غير صحيح وسأحدثك عن حكاية بسيطة نتداولها نحن العامة عن وجود مجموعة كانوا يذكرون الله عز وجل لا اله الا هو فى مسجد احتال عليهم الشيطان لينهاهم عن ذكر الله فما وجد وسيلة لذلك فاحتال على مجموعة من الناس خارج المسجد (فى الشارع) فدارات بينهم مشاجرة كبيرة فانتهى اهل الذكر عن حلقتهم وخرجوا من المسجد ليروا ما يحدث خارج المسجد (حيلة شيطانية استفاد منها رجال السياسة)
هل الشيطان قاعد وملتزم بالمؤمن الصالح وتارك المفسد الضال قاعد فى الخمارة .. الشيطان لن يترك هذا ولا ذاك فأشد ما يخشاه ان يغفل عن الضال الفاسق فيثوب الى رشده ويفيق عن ضلاله ويستغفر ويتوب ويلتزم طريق الهداية
لا يعنى كون ابليس يقعد للناس صراط الله المستقيم انه تارك القعود عن الصراط الغير مستقيم فهو سبيله الذى مهده وعّبَّده (رصفه بالاسفلت) وانفق عليه وقته وجهده ورسخ فيه نقاط مرور وتفتيش لجنوده من الشياطين .. كاميرات المراقبة الابليسية منتشرة فى كافة نقاط واركان طريق ابليس (الغير مستقيم)
واصعب العمل يكون على ابليس مع المؤمنين فالمؤمن غير متاح على العكس من كون الضال متاح .. فالشيطان يحاول ان ينتهز فرصة او ثغرة لينفذ للمؤمن فالطريق الى المؤمن فى غالب الاوقات موصد ومُحكم الاغلاق على عكس الضال فان الايمان الذى استقر فى قلبك والذكر الذى يسرى فى عروقك ويقظة قلبك فى التفكر فى الرب القريب الرقيب وتقواك عن نيل الحرام والشُبهة كلها حصون منيعة تتعب الشيطان جدا فى محاولاته المتكررة فى الوصول اليك .. لكن متى استطاع الشيطان ان ينفذ اليك بفكرة وبدأت انت تبنى على تلك الفكرة فقد عاونت الشيطان على استحكام البناء بتأسيسك قواعد وبنيان محكم علق الشيطان عليه اعلانا مضيئا على الرووف مكتوب عليه (منطقة خاصة ممنوع الاقتراب أو التبديل)
أشد سُبل الشيطان اليك التصديق بأقوال البشر دون تفحص وتمعن ومراجعة وتدقيق .. وان كنت من هذا الصنف فمن فضلك عليك تناول الكثير من الكبده والجزر والبيض والسبانخ فجميعها تحتوى على فيتامين أ (الف) الذى من شأنه المساهمة فى علاج مرض العشى الليلى ومرض العشى الليلى درسناه فى مادة العلوم فى المدارس الاعدادية وهو عدم القدرة على الرؤية بوضوح فى الأضواء الخافتة أو الاماكن المظلمة فتقعد تدعك فى عنيك علشان تشوف .. فمن فضلك قم بزيادة مقدار الضوء حولك وساهم فى تنشيط مستقبلات الضوء حتى تتمكن من الرؤية بوضوح
ولو عندك امكانية عقلية (غير مادية) توجه الى اقرب عيادة وقم بزيارة الطبيب ولتعلم ان الخدمة العلاجية متوفرة بلا انقطاع على مدار 24 ساعة وفى كل ثانية ودقيقة وقى كل حين.