دائما استوقفتنى آية بعينها فى القرآن الكريم
فى كل مرة تزور رأسى وتأتى مثقلة برفضها لما تتمثله معانيها فى جماجم المسلمين
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - البقرة 106
فى كل مرة تزور رأسى وتأتى مثقلة برفضها لما تتمثله معانيها فى جماجم المسلمين
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - البقرة 106
إن كلمات الله حية كائن حى مستقل بذاته عن فهمنا وتأويلاتنا المتعاقبة والتى تدور كلها فى فلك جمجمة رجل واحد سبق الاولين فى الفهم فأوّل وشرح وفسر فهمه وراح يجمع اسانيد وروايات وحكايات لا نهائية تؤيد وجهة نظره
ان الرجل اياً كان من هو لم يفرض تصوره الأحادى الضئيل على شعوب وأمم تتلو كتاب الله ولكن أمة بنى عك اهلكها الله واودعها جهنم النسيان ارتضت فيما ارتضت بفطرة عكها المجتمعى وموروثها الثقافى الذى لا يفرق بين الكلام والقول والحديث والتعبير .. قد ارتضت ان تفرض فى ادبياتها وثنايا فكرها ومعتقدها افترضت على نفسها ان تتوقف عن محاولة فهم النص الثابت الموحى به والمصرح منهم بثبوته وعدم تبديله ليخرجوا عن ذلك الثبات بتغير النص وتحريفه اتباعا لقول ذلك الرجل الذى لم يفرض رأيه أو فهمه او تفسيره ولكنهم فرضوا على انفسهم ودار اغلب من يجيئون بعده فى فُلك فهمه وساروا فى ارضه وان جاء اخر ليأتى بجديد خرج عن ارض فلكه لينتهى الى فُلك قمره ولم يخرج عن حدودهما الى شمس او افلاك اخرى
ان التفسير او التأويل والفهم الأول لنص ما لا يعنى ان هذا التفسير أو الفهم الأول هو اقصى امكانية المجهود والفكر البشرى فى التعامل مع النص وان اى تفسير لاحق لابد وان يدور فى فُلك هذا التفسير ولا يخرج عنه وان خرج فهو خروج للجزء الواحد من الكل المتعدد خروجا محدودا لا يتعدى الحدود النهائية للكل بحيث يكون اقرب الشئ الى ذاته كوجود القمر للأرض ملازم لها لا يخرج عن مداها فى حين ان الايجاد الالهى متسع جدا وعوالم اللاهوت لا حصر ولا نهاية لها عند العقول
لقد مر الزمان ولم يستدر بعد للارتداد لنقطة (( اليوم اكملت لكم دينكم )) أو ((تركتم على المحجة البيضاء)) وليته يستدير ليعود وصولا الى المحجة البيضاء أو لحظة اكنمال الدين ومفهوم الدين اوسع عندى من مفهوم الدين كشعرية فالدين عندى هو الوجود الحى الناطق بكل ما يحويه فالدين ليس الا عقيدة فى الله عز وجل لا تتوقف عند رسالة سماوية أو تبدأ من حيث كان كان آدم او تنتهى عند السدرة أو عند العرش أو حتى ما بعد دخول اهل الجنة الى الجنة
ان التغيرات التى لحقت على مفهوم الاسلام كدين او كون الدين هو الاسلام الذى هدانا الله اليه برسالة الرسول الاعظم محمد بن عبد الله هذه التغيرات عدلت من مفهوم الدين ليتغير الى مفهوم الديانة ليكون ضيقا محصورا محدودا وان اشتملت شروحه على بلايين الصفحات وملايين الكتب انه نوع من تحريف العام وتضييقه ليصبح خصوصا ليكون مجاله ادنى وأقل فبدلا من العمومية والشمول نجده ينحصر كنوع من الخصوصيات والشمائل
فالديانة تضييق للدين وما اوسع الجليل الاله الخالق الذى قال لنا عن الدين ولم يتكلم عن الديانة كمفردة مستقلة
فايات النص القرانى تزيد بكثير عن عشرين آية فى هذا الخصوص
ولسنا بصدد عقد بحث او مساجلة فكرية بين الدين والديانة وان كان مما يسمح به النثر ان يفتنح مجالا لكل من ألقى السمع أن يعقد تلك المساجلة الفكرية بين مفهومى الدين والديانة كبحث مستقل
ان المعنى العام الذى لا نخرج عنه انه حدث هناك نوع من التغيير الشامل أو الجزئى لمفهوم الدين
تم اجتزاء كل ما يشمله الدين من مفرادات لم يتم تفكيكها بل تم اعادة صياغتها ليحدث تغيير فيها
ففى العقائد تنوعت عقائد المسلمين لتتجاوز حتى 73 فرقة عبر تاريخ الديانة الاسلامية وكان الأولى ان تثبت عقيدة واحدة
لكن لم تكن هناك عقيدة واحدة ولا معاملات واحدة ولا اى شئ واحد فى اجتزاءات الديانة
ومعلوم ان الاتفاق افضل لكل جماعة من الاختلاف لكننا نجد نصوص المستظهرين انفسهم من الفقهاء والمفسرين ومن قاموا بتدويل مخرجات الديانة الاسلامية الينا نجدهم قلبوا الامر ليكون الاختلاف نعمة
اننا لا ننكر الاختلاف ونسلم به .. ولو شاء الله لجعل الناس امة واحدة
ولكن احدا لم يقل انه نعمة او نقمة تلك فلسفة كان يتعين ان يقوم بها فيلسوف ذو عقل فلسفى قادر على تمييز المعنى وتحليله واستخراج معانيه وعلاقاته لا ان يقوم بها رجل او فقيه او حتى احد علماء اللغة
ان الالفاظ كمفردات لها رجالها من أهل اللغة أما معنايها فلها اصحاب فكر وتأويلها واستخراج مبانيها وعلاقاتها واتحاد مكوناتها وتفاعل تلك المكونات مع بعضها البعض ومدى تداخلها او ابتعادها عن غيرها من المفاهيم له اصحابه ولا يحق لرجل دين (غير متفلسف) ان يقترب منها بل تقف حدوده عند استخراج الاحكام الظاهرة فيها مقابلتها مع مثيلاتها
وهذا الاخير هو عين ما حدث تم الوقوف على ظواهر النص وتلاعب النص بعقول الناقص فذهب الناقص الى انتقاص النص فكانت كل المخرجات فى اغلبها مشوهة ناقصة خاليه عن حكمتها ومدلولاتها الصحيحة
بمعنى انه تم تحريف النتائج ولما كانت النتائج غير مستقيمة عند البعض شرع الاقدمون فى البحث عن حلول للخروج من المأزق فأوجدوا أدلة قولية ونقلية وعقلية تؤيد ما ذهبوا اليه بأنهم مخلوقات أرقى يمتلكون وحدهم الفهم والفكر وحق الترجيح فاستحدثوا باستحداثهم علوم تؤيد ما اضطروا اليه سابقا من بحث عن أدلة
اى انه يمكنك فهم الامر كمتوالية عشوائية غير مستقرة
نص يمثل العنصر 1 .. وهو فى ذاته نص واحد غير قابل للتبديل او التغيير بزيادة او نقصان
تم استخراج مجموعة عناصر من العنصر 1 وكانت المخرجات العنصر 2 والعنصر 3 والعنصر 4
وحينما رأى البعض ان العنصر 3 مثلا لا يستقيم مع العنصر 1 قام الفقيه باستحداث العنصر 5 ليؤيد به العنصر 3
فتم الرد على العنصر 5 فكان لابد من استحداث العناصر 6 و 7 و8 للدفاع عن العنصر 5 بل ان الامر استفحل فجاء من هاجم العنصر 7 فتم استحداث العنصر 9 للدفاع عن العنصر 7 ثم جاء جديد بالعنصر 10 ليفتح دفاعا عن العنصر 3 الاساس الذى خرجت منه كل تلك العناصر ثم خرج عن 10 مجموعة لانهائية من العناصر لن تنتهى حتى تتم الاستدارة ويكون البدء من حيث كانت الخاتمة (المحجة البيضاء)
ان هذا هو عين ما نعيش فيه طفيليلات تعلقت بثوب اذيالنا صرنا نتأمل فيها حتى تكاثرت لتلتهم كل ظواهرنا وتغطى كل ما ظهر منا
واخشى انها عند البعض راحت تلتهم بواطنهم فالتهمت العقول والفطرة والشعور
اننا فى زماننا الحالى مخلوقات متجمدة فى فضاء متعدد متغير غير مستقر .. الارض تميد من تحتنا وما فطنا
مخلوقات جامدة لا حياة فيها الا لرغباتها الآنية والمحتملة وحولنا مفاهيم لا زالت مستقرة فى ذاتها تبحث عمن يفض بكارة معانيها
فان ما استحدثناه من مخرجات متناقضة مع تلك المفاهيم ابرز لنا أهمية استعادة البحث والتنقيب والفهم الصحيح لتلك المفاهيم التى ظلمناها بتعاملنا معها بتلك الكيفية العاجزة عبر مئات القرون
ان ما قمنا به هو عملية تحريف عشوائية للأصول واعادة تحريف للفروع الناتجة عن الاصول ثم تحريف المفاهيم للخروج بها عن فضائها فيصبح فضاء الاصفر مركز فضاء الازرق والاصل ان لكل من الاصفر والازرق فضاء مسقل ومستقر بذاته
وان توالد الاصفر وتوالد الازرق واتحدا التوالدين ليكون فضاء جديد هو الاخضر فلا يعنى هذا حكم انعدام وزوال الاصفر وانعدام وزوال الأزرق ...
ان النص نفسه الأصل جرت حوله محاولات فعليه ومتعددة لليه وتليينه وتسخينه ليصبح قابلا لنتائج الفروع المستبطة منه
لوى ذراع النص رغم انفه ليقبل ويتقبل ويرتضى المخرجات الرديئة التى اوجدها عقل قاصر عن فهم معنى الفهم
ان نصوصنا الاولية اصبح لها حركات لفظية مختلفة وعند البعض أعيد ترتيب حروف الكلمات فاصبح للنص تراكيب مختلفة ومدلولات مختلفة وتم استنباط احكام جديدة لتلائم هذا اللوى العنيف
واصبحت كل جزء يجتزئ نفسه عن الكل وفق تقسيم الطائفة أو المذهب أو الفرقة
وفى كل الاحوال فقد تهجمنا على النص وقمنا بما نطلق عليه ونتهم به الامم الاخرى بأنه تحريف للنصوص
ولنضرب مثلا عاميا جدا بسيطا جدا لما حدث
وجد احدهم فى عام 2250 ميلاديا وليكن سعيد ابن مرزوق صفحات مخطوطة للعلامة ادريس ابن فرتكيس (شخصية خيالية) كان يعيش عام 1400 م كان نص ما فيها (( وضربت الدبابة حفيف اجنحتها بعزيمة لا هوان فيها )) هكذا وجد سعيد النص بالمخطوط وراح يحدث نفسه هو فيه دبابات بأجنحة يا ناس أكيد فى الزمن ده كانوا بيخترعوا دبابات بأجنحة
ولما قام سعيد بالشروح وضع بابا فى كتابه الجديد عنوانه الدبابة المجنحة
ولما خرج الكتاب كثر النقد عن هذه الدبابة العجيبة فكان عليه استقصاء الاخبار بحثا عن تلك الدبابة من شأنها تقريب المعنى واثبات صدق النص بل انه اضطر الى استحداث اخبار ومقولات عنها فتم الرد عليه هذه اخبار خيالية قال لا بل لها سند عندى فاستحدث علم الاسانيد والعلم بالرجال والجرح والتعديل وصار بالمجتمع موجات نقدية وفكرية وبحثية بسبب موضوع الدبابة
ولما كان ادريس ابن فرتكيس احد الصادقين والمشهود لهم بالصدق ويستحيل عليه ان يؤلف موضوع الدبابة المجنحة من نفسه ظهر لنا علم جديد وهو تأويل حياة ابن فرتكيس وانه ولى ظاهر الولاية ويعلم ما لا تعلمون وان الدبابة كانت تأييد الهى فى ذلك النص فى تلك الحقبة التى يتحدث عنها ابن فرتكيس
وذهب اخرون بعد زمن وفى مراحل فكرية لاحقة باستحداث علم الدبابة المجنحة وجاء متخصصون ليخرجوا لنا كتبا تعرض علينا الانفراد والحصرية بنشر الرسوم التمهيدية اثناء اختراع الدبابة المجنحة فى احد المخطوطات والتى عثرت عليها البعثة التنقيبية العالمية فى كهف مشريم بجبال بلاد الأوز بصحراء سيبريا
وخرجت كتب تدرس تلك الرسوم التمهيدية والانشائية لنلك الدبابة وقامت مؤسسات علمية بنقد فكرة عمل تلك الرسومات بالمخطوطة وبأن عيوبها الظاهرة كذا وكذا وتم تفنيد الامور واصبح لدينا فى الاساطير العلمية والهندسية علوم ومطبوعات ومنشورات تتعلق بتلك الدباية ونوع المحرك الذى تلزمه تلك الدبابة وعدد الاجنحة ودخلنا فى علوم الجاذبية والطاقة والحجوم
دوشة كبيرة جدا على مدار عشرات السنين والموضوع اصلا ابسط بكتير من كده
الموضوع كله غلطة فالنص الأصلى الذى كتبه ابن فرتكيس هو (( وضربت الذبابة حفيف اجنحتها بعزيمة لا هوان فيها ))
انها ذبابة ولم تكن دبابة ... يا جماعة المخطوط كان قديم وحرف سقط من الذال لتتحول دال فبدلا من حشرة الذبابة كانت الدبابة اللى عمر ابن فرتكيس ما سمع عنها ولا حضرها فضاع من عمرنا زمنا ومن جهدنا زمنا فى موضوع الدبابة الوهمية التى لا أصل لها
ولكن هكذا فعلنا وسنظل نفعل فما اقوى تفاهتنا .. وللحديث بقية